Monthly Archives: May 2015

خطيئة توصيل النقط

هذه الأغنية لما تلاقينا – غناء عبد الرحمن محمد عن صورة شعرية من قيس بن الملوح عن حبيبته عندما رحل عنها فتمزقت بكاءا حتى صارالبكاءَ دما بلل التراب وتمسحه عن عينها فتتلون أناملها بحمرة دمها ويقابلها حبيبها متهكما على إخلاصها له بعد فراقهما : هل لونت يديك بالحنة عند فراقنا أي في غياب رجلك؟

؟تلك الصورة وهذه المشاعر المتطرفة في الحب هل هي وسيلة تعبير حقيقية أم إنها هدف في حد ذاتها.
نماذج عدة موجودة في التاريخ البشري الشرقي والغربي عن عشاق بلغ بهم التطرف في الحب مبلغه حتى الانتحار وإنهاء الحياة لعدم احتمالها بدون الآخر.
منها النموذج الأشهر : روميو وجوليت وفي التاريخ العربي: قيس وليلى وعنتر وعبلة وقبلهم أوزير واست اللذان تخطا حتى عائق الموت ليصبحا معا ثانية في بعثه الجديد.

سؤال الحب الأكثر غموضا والغير مجاب للآن ليس سؤالا عن حقيقة المشاعر وصدقها.وإنما هل مشاعر الحب والامتلاء بها هي الهدف الرئيسي للحب أم إنها وسيلة تعبير للأحاسيس الهادرة في القلب لشخص محدد.

ا) إذا ما فحصنا احتمال المشاعر وكونها هدف بذاتها فسنصل بالطبيعة لكون هذه المشاعر احتياج عند المحب نفسه إما لترميم ثقته أو ذاته داخليا أو إثبات استحقاقه للحب أو احتياجه للقبول من آخر .. كلها احتياجات وهنا تلعب المشاعر الفائضة مثلثها مثل الشهوة غطاء لسد ثغرات وجوع الفرد نفسه المصدِّر لهذه المشاعر. وحينها تكون المشاعر هي الهدف والآخر العاشق/المحب هو الوسيلة لا أكثر.

ب) أما الاحتمال الأخر فهو في كون هذه المشاعر حكر على شخص(شخوص) محدد/ة . لو كانت هذه المشاعر تخص عدة أشخاص كما في حالات العلاقات المتعددة أو Polygamy أو غيرها فلا وجود لتفردية الطرف الآخر وخصوصية المشاعر له . وهنا نردها لكونها مشاعر أراد الشخص أن يعبر عنها وتم صب هذه المشاعر على هؤلاء الأفراد .

أما إذا كانت المشاعر لفرد واحد فهناك أيضا احتمالان:
1) هل هذه المشاعر تخص طباع وخصائص في هذا الحبيب دون غيرها من التفاصيل . أي انه حب لتفاصيل ما محددة فيه ، وذلك لأن هذه الصفات المحببة حققت تفاعلا شبيه بالكيميائي مع طباع وخصال الفرد نفسه أما تمشيا معها أو مضادا لها. فإذا كان الانجذاب للضد أو المشابه في الآخر من صفات بتنافر أو تجاذب فهو انجذاب لصفات عند الشخص نفسه فمثلا المنجذب لشخص هادي ء وهو عصبي فهو شخص يسعى لان يحب صفاته بالتفاعل مع الضد والهادي الذي يحب شخص هاديء يسعى لان يحب هدوءه بحبه لهدوء الآخر.
2) أما إذا احب الفرد حبيبا ككيان كامل بصفاته المفضلة والغير مفضلة فهنا هو احتمال كبير حبا صادقا ومشاعره القوية هي تعبير مباشر عن الشعور الداخلي.

لكن ليس هناك أي منطق في أن تؤذي أو “تقتل نفسك من أجل نفسك” بخاصة عندما تكون احتمالات صدق هذا الإحساس ضئيلة ولا تتخطى ال٨٪ .
الخطيئة الجلية في الحب هي خطيئة توصيل النقاط ، مثلما يوصل الطفل الأرقام ليصنع هيكلا كاملا يقوم المحب بتوصيل النقاط بين دفقات المشاعر الوقتية ، اللحظية، الموقفية، الاحتياجية ،المنفصلة والمستقلة ليلملمها في كائن متكامل يسميه حب .

لذا ، الأصح هو التعامل مع دفقات الحب كما هي كدفقات مشاعر وقتية أو آنية بلا زمن بلا ماضي أو مستقبل وبلا رابط ولا حتى بمصدر المشاعر ؛ تماما كما يتعامل الشخص مع اللحظة.

وللآن مازال غموض السؤال قائم ، هل كان دافع إست(إيزيس) في اللهاث وراء أوزير حتى لبنان ولملمة جسده هو حبها له وعدم تحملها لغيابه أم إنها أرادت الانتقام من غريمها وغريمتها فإحتاجته لإنجاب حورس بلا دنس وكان لحورس تمويها هو ما اسموه لاحقا الحب؟

المدينة الطيبة هل هي الفارغة؟

www.curatormagazine.com

www.curatormagazine.com

المدينة الطيبة هي المدينة التي تبث السعادة والرضا في سكانها وتعزز المعاملات الطيبة والخدمات فيما بينهم، لكن يبدو ان ٩٩٪ من مدن مصر هي مدن بعيدة عن الطيبة.
بمدن مصر يعتل المواطن على كتفه هم اليوم والمواصلات والجراج وسايس الجراج ومكان الركنة والمسافة عن الموقف وبطء الترام ووو أما المواطِنة فعبئها أشد وهو بالاضافة ، عندها حمل آخر من المعاكسات والملامسات والتحرشات في كل شارع بمصر.

وبعض الشخوص الذين لديهم أزمة شديدة مع الزحام ،إما أزمة لم تصل بعد لحد المرض في شعور شديد بالخوف من الزحام وهو خوف غير عقلاني من الإيذاء ربما بسبب حدوث تجربة سابقة في الزحام فأوجدت انطباع ثابت أو ارتباط شرطي بالأذى.
أو تصل الأزمة لشعور البعض بالإعتلال النفسي من الزحام حد الفوبيا المرضية حيث يختنق الفرد وتصيبه الرعشة و الرعب وقد يصل لأعراض هيستيرية عديدة.

ولهؤلاء مثلي المرهقون من المدينة والزحام والخوف والقلق يجب أن يبتدعوا وسائل للتعايش مع ارهاقهم.بتصوري هناك طريقتان وهي اما التحكم في المرسِل أو التحكم في المستقبِل.

التحكم في المستقبِل أي التحكم في الذات كمستقبل لأفعال الآخر من خلال السيطرة على تسارع أو تضخم أعراض الخوف وذلك عن طريق عدة وسائل : منها العلاج النفسي أو السلوكي أو تمارين التنمية البشرية أو التعبير بالكلام أو الكتابة أو أي طريقة تبقي الخوف في حيز تعبيري غير مؤذي ولا معرقل لحياة الفرد ؛ و كذلك التأمل يساعد على استحضار السكينة والسلام ويراه البعض مثل إعادة شحن لطاقة الفرد وإستقبال للذبذبات الإيجابية (الموقع يدرس التأمل خطوة بخطوة: https://peacerevolution.net/)

والطريقة الأخرى للتعامل مع إنعدام الراحة وسط الجموع هو التعامل مع مصدر الضغط والتوتر وهو الناس أنفسهم ومعاملاتهم وذلك عن طريق بعض الطرق مثل :
femin
حفظ مسافة بينك وبين الناس بحيث تحتفظ بما يدعونه اخصائيو علم النفس البيئي “الحيز الشخصي” بشكل قريب من صاحبة الصورة ولكن على كل الأصعدة المعنوية والإجتماعية والذهنية وغيره.

تجنب التواصل الكثيف والغير منظم مع الناس مثل الحفلات الصاخبة ، قاعات السينما المكتظة في الأعياد ، الإستاد وقت مباريات القمة وغيرها من النشاطات التي تتضمن أعداد هائلة من البشر.

خلق دائرة أمان safe zone مكونة من المقاهي المريحة والآمنة ، الأصدقاء المريحي التعامل معهم ، الجيم الأمن (والغير مكتظ) ، المتجر أو المول المؤمن جيدا في غير ساعات الذروة الشرائية .

حماية الذات وذلك عن طريق السلاح القانوني ، الرياضة بشكل عام ورياضات الدفاع عن النفس بشكل خاص وذلك لرفع اللياقة البدنية وقت مواجهة الخطر ، عدم التنزه في المناطق غير المأهولة ، الخاوية والغير آمنة .

بالطبع ، من يتوتر مثلي من المدينة وعبئها سيحلم بمدينة خالية أو شبه مهجورة كمدينة مثالية ولكن لأن عالمنا ضيق ووطننا مخنوق لانملك غير التعايش والتجاوز ومحاولة تسيد إنفعالاتنا حتى لا تسقطنا في شقاء النفس ، في الطريق عالمدينة .