Monthly Archives: January 2015

قصة : رعد

1265328-104_shadowland__moon_knight_2“كلها ساعة و53 ق “غمغمت وجيدة لنفسها في المكتب ، أقل من ساعتين وستكون بشورت الإيروبكس والدامبلز والكوتشي الجديد الذي أنففت عليه 1/3مرتبها .
“الرياضة بتأكدلي إني عايشه ، بتحسسني بالحياة ”
دائما ما كانت وجيدة تردد تلك الجملة لزميلاتها واصدقاها لذا كانت دائما تخرج من الجيم بمعنويات أعلى بكثير وحيوية داخلية، معنويات تعالج وظيفتها الرتيبة المملة والتي لا علاقة لها بدراستها للآثار.

في الممر الجانبي للجيم المقابل للبحر ، صدمت حذائها شنطة شبه مفتوحة على الأرض .
رفعتها وبحثت بداخلها عن بطاقة ، كارنيه ، محفظة أو أي بيانات.. كان كل ما وجدته مذكرات شخص ما اسمه رعد بالهيروغليفية ÓՈՃ ومعها الثلاث حروف العجيبة التي عرفت لاحقا إنها أمازيغية.

الغريب كان قدم ورق المذكرات واصفراره والتراب والرمل بداخل الشنطة .سألت مسؤولي المكان فلم يرد أحد الاحتفاظ بها لان ليس بها أي نقود أو أي شيء يستجلب الحلاوة لاحقا . رمت الشنطة وتفحصت المذكرات وقررت أن تحتفظ بها لتسليها في العمل أو المنزل وسترميها فور الانتهاء منها.
أكملت تصفح باقي الصفحات كان الكلام غريب جدا وممتليء بالرموز والصور الغريبة المرسومة بالفحم
” هذا جزاء الوزير توت حات ، لم ينس أنى أمرت أٍياد الصحراء في صورة ابن آوي لينهشوا جثمان أبيه حتى يتوه ويفقد طريقه في العالم الآخر فهو أول من نفاني من كيمت وأفنى قدرتي على الإنجاب لينتهي السر بموتي ونعتني بالغريب الكريه، حاصرني توت حات ورجاله ولم يستطع احد أن يلمسني: أنا رعد الساحر الأعظم على الأرض لن يجرؤ أحد على أن يقترب. .لكنهم تجرؤا وانتزعوا كتاب السر العظيم ملك الآباء والجدود وسر قوة نسلنا ، في النار القوه فانتفض الكتاب وهشمهمبصرخة الدم وبصوت أرواح الأسلاف القائدة على مر العصور وبصرخة الدم من الكتاب مات من مات من المهاجمين وهرب من هرب وكان جزاء توت حات أن تمزق جسده كأبيه وتناثرت أجزاؤه وتفرقت على ألأراض بدون وطن ، وبقيت وتآخيت والصحراء وبقيت هنا بلا كيميت بلا بيت “

أخذت وجيدة تقلب الصفحات بنهم ، ربما هذه المذكرات سرا قديما حقيقيا قد انكشف وانجلى أمامها أو هو خدعة محكمة دبرها لها احد زملائها التي صدتهم في الجيم .

” ما نجرب ” قرأت أولى التعاويذ المكتوبة بالتفصيل عن الحب بعد تبسيطها فبداية قامت بتنظيف المحيط ببخور الروز ماري “المقدس” كما ذكر رعد ، ثم “سكبت من دمي ومن دمه الذي لملمته من تقطيعات الورود لأصابعه عندما أجبرته على تجميعها من حديقتي وكان خائفا لكنه أقبل ، وظل غير راغبا في.. خلعت قلب الأرنب القفاز منه وهو حي ثم … ” لم تكمل وجيدة وجدته مخيفا أو مقرفا جدا.

أرادت تجربةشيئا آخر ، مثلا تحريك الأشياء ، وبعدما أنهت الطقوس ؛ فجأة بدأت الفازة بالاهتزاز ، كذبت نفسها وتجاهلت الأمر ورأت أن تفكيرها في ذلك أمر مضحك ، وذهبت لتحضر مشرب الكاكاو الساخن.
تمددت في السرير حاضنة الإربة الساخنة في يد والكاكاو في الأخرى وبدأ الدفء والنوم يتسللا بدغدغة ..
تذكرت أن اليوم هو يوم اكتمال القمر وهي نحب أن تراه .. ولكنه الدفء الذي سيهرب فورا ، فقررت انتظار أن يدلف أحد لغرفتها لصدفة ما فتطلب منه فتح الستائر.. ولكن فجأة انفتحت الستائر وظهر القمر جليا .. لم يعد عندها شك أنها تعاويذ رعد .

التفكير المحموم انهكها ،كيف ستوقف تلك الورطة ونامت من الخوف واليأس ؛ و في الشغل كان كل ما تفكر به يطير إليها فبدأت تحاول أن تنظم أفكارها لكي لا تتحول لمزار سياحي يتفرج عليها الناس وزملاء العمل.

لم تذهب للجيم كعادتها وجلست على الكرسي الهزاز تفكر ى، هي ليس عندها من تتحدث معه لا صديق ولا صديقة ولا حبيب ولا …
فاهتز الكرسي الهزاز بشدة كمن يهدهد طفلا في سرير أطفال ، كأن أفكارها تهدهدها.

سارعت للنوم فلا فائدة مع كل الضغوطات تلك أن تعب نفسها بالبحث عن حل، وقررت أن تحلم حلما هادئا سعيدا .. استعارت فيه أحد الأبطال الخارقين من هوليود ورسمت مشهدا مبدئيا لهم معا ونامت.
بمنتصف الليل ، بدأ القرع تهشيم ، رجرجة وصوت ينادي باسمها بقرب سريرها الذي اهتزبقوة وقتلها رعبااكثر واكثر.
أضاءت النور وقررت أن تواجه خوفها والتهديد الذي جلبته ، تحت السرير كان الرجل الذي حلمت به للتو متجسدا أمامها كاملا وحقيقيا راكعا لها في اعتزاز كفرسان العصور الوسطى مادا لها كفه ..
القت بيدها في يده فضمها وقبلها ثم وقف قبالتها بطوله الفارع وعوده الآبنوسي الصلب وشعره المجدول بطلة فرعونية مهيبة وقبل جبينها ، لم تفكر .. لم تتردد وارتمت في صدره باكية .

وكأنها لم تكن ، تناست سنوات التيه ، الوحشة وعدم الأمان وكأنها سقطت أو ذهبت تماما .
لم يكن له اسم فأسمه اسمها هو خلقتها ولم يكن يترك جانبها ابدأ ، يستمع لها دائما ، كل ما تمنته في رجل كان هو وكان كتفا مرحبا لتتكيء عليه .

تعود من الشغل ، فيستمع لها في كل تفاصيل يومها .. يكرر طلبه لها بأن يصطحبها بكل مكان حتى يحميها من تحرشات العمل والشارع.. واحيانا كان لا يبرح سيارتها حتى تنهي عملها لكي لا تعود وحيدة في الطريق الطويل الموحش.

الجيم ، اصبح في البيت وكان يدربها على فنون القتال والدفاع عن النفس التي لا تعرف من أين تعلمها ربما من ذهنها هي حيث عرفت هذه الرياضات في طفولتها .. يساعدها في تحضير طعاما صحيا يقرآن معا نفس الكتاب ثم تستقر في حضنه ليناما في اطمئنان وهناء.
بدأ العالم يختفي في عينيها ، بدأت الأشياء تصبح غريبة واكثر اغترابا والتمسته وطنا وبيتا ولكن دائما ما كان هناك ما ينغص سعادتها
ما ينغص عليها فكرها هو إدراكها أن حبيبها ليس اكثر من فكرة ، وان كل ما تراه وتلمسه فيه ربما هو ضلالة عقلية أو وهم محكم ، لكن هل حبه لها واعتناءه بها هو حقا من داخله أم انعكاس لفكرها المتجسد فيه ، وهل له داخل كالبشر ؟

عذبها الأمر وكانت هي والفكرة يعذبون روحها فكانت أحيانا تضغط على نفسهالتواجه الأمر فتسأله عن رأيه في موضوع ما وتوحي له بإجابات مغايرة فيتبدل معها في الرأي كلما تريد ، وبقدر سعادتها بوجوده بقدر شعورها بالفراغ والسراب في معيته هي مرتبطة بشبح وان كان ظاهرا متجسدا ..
وجعها طعم الزيف الذي نخر في حياتها وان كان في لاوعيها لا يغيب ، ومن تلك المرارة أدركت أن الحقيقي لا يستبدل بوهم.. قررت أخرا أن تلجأ لرعد وكلماته اكتشفت انه اكثر ملائكية مما اعتقدت ووجدت بنهاية المذكرات جملة ” ” تميمة لإبطال الحياة ، كل لما يريد ” هل تعني تلك أن رعد أنهى حياته ، هل أنهت ذلك الحب القسري لغلامه ؟ هل قتله ؟ قرأتها بهدوء وأمل فهي لم تكن لتحتمل الحياة من بعد فارسها ولم تعد تحتمل الزيف في أحضانه وعندها علمت أختيار رعد لأنه لا حياة لغير الحقيقة.

* ورشة كتابة قصة قصيرة : كتاب ، سرية ، تطفل

ماريونيت جماعي يومي


– لا يمكنني تحريك يدي ، هذا خطأ لا يجب

– الآن ، تفادي اللكمة الآن ، سيضربك ، ستقعي ارضا
– لايجب أن أفعل ذلك : هو لم يسمح لي بتحريك يدي وإلا سأعاقب بالشمع الملتهب
– قد تموتين
– عندها سيتوقف عن معاقبتي

هذا مشهد من فيلم قديم لا اتذكر اسمه وكانت الفتاة ضحية احتجاز في المنزل لإحدى عشر عاما حيث يتم اغتصابها وتقيدها و الإعتداء عليها جسديا وجنسيا بمافيها التعذيب الاستمتاعي بشكل متكرر واحيانا شبه يومي.
وفيما يبدو ان الفتاة تحولت مع الوقت لماريونت بشري ، تتحاشي بقدر المستطاع العقاب الجسداني العنيف بالحرق أو الجلد أو أو وذلك بالالتزام الكامل بالتعليمات التي فرضها قاهرها في محاولة خائبة ويائسة لتقليل مرات تعذيبها ؛ رغم ان هذا لا علاقة له بذاك لكن ليس بيديها حيلة.

الدمى ، الماريونت وغيرها ليست ذاتية الحركة وليست روبوت مثلا ولكنها تحتاج لمحرك واكثرها تحكما دمى يدخل اللاعب يديه فيها ويحركها ويتكلم على لسانها ، أي يحتلها احتلالا كاملا ويستخدمها استخداما كاملا ويبدو أن هذا مقارب لحالة الفتاة المحتجزة .
فهي بلا أدنى مقاومة خارجية أو داخلية .. لا جسديا ولا معنويلا ولافكريا لكل تحريكات الللاعب ، كانها تم تفريغها من حشوتها الإنسانية وتحولت لفراغ سهل التحرك فيه والسيطرة على جوانبه.

يسجل علم النفس طرق نفسية دفاعية يستخدمها الفرد بشكل لاواعي للتعامل مع الظروف وتقليل التوتر والخوف من الأذى المحتمل عليه وذلك بتشويه الحقيقة ، تزيفها أو الإنكار الكامل للأمر الواقع ؛ وقد يذهب البعض مع هذه الطرق لمدى بعيد جدا بعيد تماما عن السلامة النفسية.

يظهر بحالة الفتاة تبنيها التام لتعاليم و هفوات ونزوات قاهرها حتى يبدو كانها ابتلعته داخلها
تفسير محتمل ان تكون الفتاة تعاملت مع الامر بالإنكار الشديد ، انكار إغتصابها والتعدي عليها وعلى حياتها وإنكار حدوث الأمر من أساسه ..
مثلا إنكار انفصالها او إختلافها عن القاهر ، وإقناع ذاتها انها جز منه أو جزء منها من القاهر نفسه أشتهى فحدث ..
أو تقبل الهجوم عليها وتبرير حدوثه وغياب قدرتها على حماية ذاتها بأن القاهر أثر على أجزاء منها واحتلها وصارت تحت إمرته أو أو… مئات التفسيرات اللامنطقية التي اصبحت هي نفسها رؤيتها للموقف.

بالأغلب وبعدة حالات بعد انتهاء القهر المستمر سواء كان إختطاف ، إعتداء أو سجن تعذيبي يحدث فصام او تعدد شخصيات ، كما في حالة ذُكرت باستفاضة برواية استحواذ لكولن ولسون حيث تم الاعتداء على الفتاة وهي صغيرة من زوج عمتها بشكل متكرر وتوقف نضوجها العقلي مع الوقت وتحول تعاطيعا مع الواقع لانقسام في الشخصية إحداهما ضعيفة طفولية خاضعة والأخرى قوية مسيطرة متحكمة قادرة على القتل.
وغيرها من حالات عدة يصبح الشخص بعد تجارب شديدة القسوة منعدم الأهلية ومتأخر في النضج النفسي ودائما في تأخر عن الوعي بذاته .
أغلبها حالات نشأت من العنف الاول والإحتلال الأول وبخاصة في الطفولة.

حالة الماريونت أو الدمية قد تعلو خطورتها لتصل للإيذاءحتى إيذاء الذات أو القتل في حالات لكن جميعنا يحوي آثار ماريونت ربما لم ننتبه لها.
كم مرة شعرنا اننا نتنصرف مثل آبائنا او اصدقائنا بدون تفكير كأن الآخر قد تم صبه فينا وتحرك من خلانا ؟  كم من سلوكياتنا هي سلوكياتنا الأصيلة هي رغبتنا الحقة وإرادتنا الصافية هي كينونتا فعلا ، هل حركة جسدنا وشكل المشية هو حقا مايريد جسدنا ان يعبر عنه ام ان هذا هو المقبول او المسموح به او المقولبين عليه ؟
هل مانحبه نحبه حقا ومانكرهه نكرهه حقا ام اننا احببنا ما احبه شخص ما قسرا او برضانا ؟
هل أفكارنا حتى عن ذواتنا هي مانعتقده حقا في انفسنا أم انها عيون الآخرين التي رأت وقررت وربما أسقطت؟ هل نعي اننا نحول انفسنا لوعاء أو دمية عندما يصبح سلوكنا غير حقيقي ؟ هل نعي اننا وبأوقات كثيرة لانعيش حقا ؟ أن هذه ليست حياتنا وانما هي لآخرين بأجزاء قد استعرناها أو قلدناها فيهم ؟ كم من قدراتنا معطل وكم منها مفعل ؟ هل نحن موجودون حقا ؟؟؟؟؟؟؟

قصة : بتنور نور سهاري

download (7)

البوية الواقعة بتكشف عن الطوب الأحمر .. وأسياخ الحديد المعوجة بتخرق فضا البلكونة الحديد.. وخلود بنت السبعين زي كل يوم تزيح نملية الفراخ تجرجرها على الارض لمكان قريب بعيد عن الاسياخ لغاية ماتنضفها وترجعها لمكان آمن.

تخش اوضتها تجيب كرسيها الخشب اللي بيصلب الضهر وتقعد في البلكونة تنقي الرز من الزلط وتكوم الرز بعيد وكل ماتجمع كومة تحطه على طرف السور وتوزعه كويس وبالعدل على طول المنشر .. وتمد بسرعة تدخل ورا الشيش تستنى العصافير وتتفرج عليهم وهم بياكلوا فتنبسط بشبعهم.

وزي كل يوم تطنش الدق والازاميل اللي بتشتغل على دماغها اول ماتصحى من النوم وتكنس فيضانات الميا اللي بتنشع من المواسير اللي بيكسروهلها كل ماتصلحها. وعلى الساعة 5 بعد الظهر لما الشمس تبتدي تضعف والحيطان تبطل تنشف وتفضل منشعة تجيب خلود الوابور والصفيحة بتاعة البخور والملح وتقعد تخرم العروسة الورق وتقول وخصوصا من عين صاحب البيت اللي عايز يهدلها البيت لكن هي مش خارجة .

واما تليل ، تخض خلود تنام فتنور نور سهاري وتشغل الراديو على إذاعة القرأن الكريم عشان يحفظها ويحفظ بيتها . ومعاها تجري العصافير لخروم بيت خلود المتهدم ، تنيم عيالها وتخرج وكل الناس نايميين تحشي بسرعة تجاويف الاسياخ المايلة حب وزلط صغير .. من غير ماحد يحس .
3/2003