” موكّا دابل من غير سكر ” هكذا احتضنت هدى كوب قهوتها بكلتا يديها وهي تثبته في السيارة
بمرة تهكمت إحدى صديقاتها على مزاجها الذكوري في القهوة فلم تعلق ولم تخبرهم أن مرارة القهوة عندها تداوي مرارات القلب وتجعلها تفكر في مرارة أخرى غير تلك التي تعيشها ..
إنها ٣٧ سنة الآن ،بقلب دام وحبيب بعيد وليالٍ وحيدة متكررة ..
كم كفرت بالحب وكم تمنت لو تنتزع قلبها ومشاعرها انتزاعا فلا تشعر بشيء..
اليوم هو الخميس ، يوم الوحدة العالمي من كل أسبوع وهو أيضا ليلة الفالنتين حيث تغزوها كل الآلام والأوجاع دفعة واحدة.
تصلها رسالة إلكترونية بدعوة لحضور حفل للعزاب في ليلة الفالنتين حتى لا يقضوه وحيدين والحضور بملابس تنكرية.
لم تتردد وارتدت فستان كلاسيكي ذو تصميم رومانسي يشبه العصور الوسطى وأسدلت شعرها الطويل
كان القصر منعزل وموحش ومحاط بالبوص والأعشاب الطويلة حتى كانه مختف تماما..
استقبلها شابا يرسم المهرج على وجهه ورافقها من عند الباب ، كانت الموسيقى صاخبة والقاعة ممتلئة بالدمى الكبيرة بالحجم الطبيعي ، دمى فتيات وفتيان في رقصات وحركات مختلفة
استاءت قليلا ثم وجدت ذلك مريح ومنطقي ، العازب يعالج وحدته بصحبة دمى حتى يحافظوا على اللقب ورأت ان الدمي صحبة أءمن وباعث اقل على لتوتر من البشر.
راقصت إحدى الدمي لشاب كلاسيكي بملابس فرسان ، حتى لاحقها الشاب الذي استقبلها عند الباب ودعاها لشراب في غرفة جانبية..
استلقت على الكرسي بعد طول رقص وذهب لإحضار المشروب ، لمحت صورة له على الكومودينو ولكن لم تكن صورته وحده ؛ كانت نسختان من صورته مع رجل عجوز يبدو كابيه أو ربما هذه الاعيب الفوتوشوب ، ركزت اكثر كان توأمه..
حضر الشاب وناولها الويسكي المفضل عندها ، بعد الكأس الخامس اكتشفت أن طلاء وجهه لم يكن محكم كفاية ،هذا ليس من قابلها عند الباب بل توأمه لم ترتاح ، أخذت جاكتها وخرجت مغادرة لكنها اكتشفت أن الباب مغلق ولم تجد في الغرفة أي مخرج آخر كل ما وجدته هو خزانة زجاجية مغلقة ولكن يبدو زجاجها كاشف من اتجاه واحد فقط ، يجب أن تضيء الطرف الآخر لترى شيئا بخلاف انعكاسها عليه .
دلفت لداخل الخزانة وانغلقت ، حاولت بكل الطرق لم تنفتح، حاولت تكسيرها بكل قوتها ولم تستطع..
نامت وصحت من الانهاك ، فوقها كان هناك رجلا عجوزا شائبا قعيد يمتص أوردة ما من يديها.. لم تفهم ،لا لم يكن يمتص دمائها بل أعصاب يدها يلتهم أعصابها كما يلتهم الاسباجيتي.. صرخت وضربته ودفعته فسط العجوز في تألم ، لامت نفسها على حدتها معه وقامت لتجلسه ..
هنا أضاءت الغرفة وظهر التوأمان على الناحية الأخرى من الخزانة.
ضربت الزجاج كثيرا لم يستجيبوا وأوضحوا لها لماذا احضروها ، وان هذا هو بناءا على رغبتها ولمساعدة أبيهم ، فرغبتها التي صرحت بها على الملأ في صفحتها أنها تتمنى أن تتخلص من الإحساس والحب والشعور كله.
وأبيهم يحتاج للإحساس كي يشعر بهم ، فمنذ اكل مرض النسيان عقله وهو لا يتذكر حتى أبوته لهما.. فهو لم يلمسهم ولو مرة ، تركوها تعود ، وفي منتصف الطريق عادت لهم ركضا ، مانحة يديها للاب كافرة بالحب ورافضة للإحساس بهذا العالم .. تمنت أن تكون كالحجر فأصبحت صخرة يجرى على شعرها دمها.