المهرجان.. هيب هوب مصري أصيل

فن المهرجانات ، الذي لم يعد يخلو منه شارع مصري أو محطة تليفزيونية أو زفاف راقي أو شعبي ، فرض نفسه وبقوة على ساحة الغناء وللغرابة هو بالضبط كفن الهيب هوب بأمريكا رغم اختلاف الجغرافيا والظروف لكن يتشابه الفنان حد التطابق في النشأة والسمات الأساسية .

هناك 6صفات رئيسية يتشارك فيها الهيب هوب* والمهرجان

1- من قلب الفقر
المهرجانات حيث تُسمع ليل نهار في الأحياء الشعبية وعلى الموبايلات الشخصية بخاصة الصينية لرخص ثمنها وعلو صوتها ، خرجت من الأحياء الفقيرة والمعدمة ..
لا أحد يعلم على وجه الدقة من أين بدأت لكن كثيرين يؤكدوا إنها كانت في الإسكندرية على يد فريق الداخلاوية الشهير (نسبة إلى حي الدخيلة الشعبي).

الدخلاوية

2- بدأت جماعية
فالمهرجانات تتميز عن أي نوع آخر من الغناء الشعبي بتعدد المطربين الذين يكررون أسماء بعضهم البعض في الميكروفون للاشتباك سويا في الغناء والشهرة.

3 – سببها لهو الدي جي
فالمهرجانات أيضا كاهيب هوب، بدأت من الدي جي الذي يعزل ألحان مضيفا عليها الكثير من المؤثرات الكهربائية فيخرج الصوت كنغمة أو ريتم بصرف النظر عن الآلات الموسيقية.
ومثلما نشأ الهيب هوب من الراب + الموسيقي الإليكترونية فكذلك الراب المصري الذي لم يلق رواجا كبيرا نشأت منه المهرجانات باستخدام الموسيقى الإليكترونية ببرامج الحاسب الرخيصة.

4 – فيفتين سنت الأمريكي وفيفتي المصري
الأسماء المستعارة للمؤديين صفة أساسية في المهرجانات ، فيفتي ، المدفعجية ، أوكا وأورتيجا ، الدوشجية …الخ ، ولا يوجد سبب معروف لذلك.

5 – شباب روش طحن
بالضبط كالهيب هوب ، كذلك المهرجان يصدِر نموذج شباب الشارع ، المتحرر من التحفظ العام ، عدواني ، يظهر بملابس فاقعة ، تسريحات شعر غريبة ، تقليعات ألوان ملفتة للغاية .

6- المهرجان : أسلوب حياة
المهن التي يمتهنها مطربي المهرجانات دائما حرفية : سباك ، نجار ، سواق توك توك ،… الخ
اللغة وكلمات الغناء دائما ما تحتوي على سباب وألفاظ جريئة ؛ هي حياتهم وبيئتهم.
ففي الغزل على نواصي الشوارع : “ والبت عايزة تترازة .. عايزة شاب بحظاظة
طول النهار رايحة وجاية .. عايزة حبة حنيه” للشاعر صابر دربكة
وبعد الثورة كان مهرجان “إحنا شباب 25” أيقونة شباب السكوتر وهم يطوفون لإسعاف جرحى المظاهرات مطربي المهرجانات كذلك يتواصلون مع الأحداث الوطنية : مثل مهرجان اديك في النهضة
“ اديك وانا وسط الناس.. اديت خيري لحماس
اديك ثورتي بتضيع .. اد فز بقى يابديع
اديك من جوه العلبة.. والنهضة دي اكبر كدبة”

باختصار ،المهرجان هو ساحتهم للتعبير التي تعكس ثقافتهم وتفاصيل يومهم بكل صورها الاجتماعية والاقتصادية واحيانا السياسية .

لماذا المهرجانات هيب هوب مصري أصيل ؟
لأن الأغنية هي : لحن + كلمات + مطرب أو مؤدي
ومثلما خرجت الربابة من بيئتها الزراعية ، متناغمة مع الطبيعة والهدوء جاءت المهرجانات نتاج طبيعي لحياة المدينة الحرفية والصناعية في المناطق العشوائية والشعبية حيث الضجيج والزحام.
اما كلمات الأغاني فكثيرا ما يتهمها الناس بالإسفاف والابتذال ، لكن أليست هذه هي كلمات الحياة اليومية ، هي الكلمات المتداولة بين العامة وفي الشارع وبكل مكان حتى بالإعلام .والمطرب ابن بيئته ، شكلا وموضوعا وليس غريبا أو مدعيا .
المهرجان أصيل لأنه امتداد لفكرة التدوين والتوثيق الموجودة عند كل الشعوب وبالأخص عند المصريين منذ وثقوا على جدران المعابد الفرعونية ، ومثلما سجلت الملاحم الشعبية وتراث العديد** في الصعيد أحداث الفرد وسيرته، يبدو أن المهرجانات هم سجل مصريي اليوم ، فأصبح توثيق فرح أو حادث سعيد أو انتصار حارة على حارة أخرى في شجار يوثق ويسجل بالمهرجان وأسماء المشاركين، فمن يريد إعطاء هدية زفاف مثلا : يهدي مهرجان بأسماء العروسين لتوثيق الحدث ، فقد أصبح المهرجان آداة الغالبية لتوثيق حيواتهم المهمشة من الدولة والمجتمع.

الشارع هي بيئة المهرجانات أهل الشارع هم ناسها.
فالازدحام والضجيج عبء بيئي قاسي على الجهاز العصبي للإنسان ، يحيده ويتقبله جمهور المهرجانات بالتعود ، ربما هو فقط محاولة تطبيع مع الضوضاء والحياة القاسية للمدن  التي حولتنا لآلات ايقاع اليكترونية تماما مثل المهرجان.

 هبه يونس النيل
26 يوليو 2014


* ويكيبيديا ، عن موسيقى الهيب هوب
http://en.wikipedia.org/wiki/Hip_hop_music

** العديد : هو تراث شعبي خاص بصعيد مصر تقوم فيه امرأة بالأغلب كبيرة في السن بالنواح على الميت بنغمة تحمل الفاجعة وبارتجالية شديدة ، تعدد فيها مزاياه وخصاله الحسنة .


Fatal error: Uncaught Exception: 190: Error validating application. Application has been deleted. (190) thrown in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/plugins/seo-facebook-comments/facebook/base_facebook.php on line 1273